إن التحولات الاقتصادية قد أثرت سلبا على النظرة الحمائية للقانون الاجتماعي التي تطورت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (تعميىم الاستفادة من الضمان الاجتماعي لجميع الفئات الاجتماعية، حماية قانونية للعمال في مواجهة سلطات أصحاب العمل).

حقيقة، لم تكن المكتسبات المحققة محل تراجع، ولكن هدف تحسين وضعية التشغيل جاءت لتندمج مع المقاربة التقليدية لقانون العمل القائمة على حماية العمال وتنظيم علاقات العمل.

وبالفعل، وتحت تأثير تطور أزمة التشغيل، لم يعد قانون العمل غير مبال بمسائل البطالة والتطلع للعمل الدائم، إن مجرد الاعتراف الدستوري بالحق في العمل غير كاف، دون رغبة في إنشاء مناصب عمل، يجب على القانون، على الأقل، تشجيع تيسير الالتحاق بالعمل وضمان الاستقرارية فيه والمحافظة عليه في مواجهة بعض الأخطار الاجتماعية.

غير أنه، في الوقت الحالي، يتهم قانون العمل بعرقلة حرية تسير المؤسسات في مواجهة المؤسسات المنافسة المتواجدة في البلدان التي يتيح قانون العمل فيها حرية أكبر، التي تعد إحدى أسباب البطالة.

اذن، تبرز حاجة المؤسسات لإدخال المرونة استجابة للتطورات الاقتصادية ومقتضيات عولمة المنافسة، وهذا تحقيقا لمصلحة الجميع.

وبالرغم من قصور التشريع، هذه المرونة مضمونة باللجوء وبصورة متكررة إلى الأشكال الجديدة للعقود غير الدائمة لتسهيل التشغيل.

وقصد مواجهة قلة التشغيل لجأت المؤسسات و السلطات العمومية إلى تقنيات قانون الأعمال (التعاقد من الباطن، الشركات الفرعية،الخ...)، أو الى تشجيع الأعمال والنشاطات غير الرسمية لاسيما في بلدان المغرب العربي.

الحل المثالي يكمن في ايجاد الطرق والوسائل الكفيلة بحماية العمال ومرونة الاقتصاد، هذا الهدف لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق وضع توازن مناسب بين المرونة والحماية لتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات، وقدرة تكيف هذه المؤسسات وعمالها في مواجهة التحولات التقنية والاقتصادية.

في النهاية، التساؤل المطروح حول معرفة كيف يتأثر القانون الاجتماعي بالتحولات الاقتصادية، وإلى أي حد يكون هذا القانون كآلية في خدمة السياسة الاقتصادية والاجتماعية؟ وبأية طريقة يسمح بالتوفيق بين عدم استقرار قواعده ودوام المبادئ القانونية الأساسية؟

     صور الملتقى

                       

• Prev
• Next